دشرة

"دشرة" هو أول فيلم رعب تونسي، من تأليف وإخراج عبد الحميد بوشناق، بطولة ياسمين ديماسي وعزيز جبالي وبلال سلاطنية وبحري الرحالي، عرض لأول مرة في نوفمبر 2018.

كلمة "دشرة" بلهجة المغرب العربي، تعني القرية، إلا أن "الدشرة" هو اسم المكان الذي تدور فيه أغلب الأحداث، وهي قرية قديمة ونائية في تونس.

عبد الحميد بوشناق هو ابن المطرب التونسي الشهير لطفي بوشناق، من مواليد 1984، درس علوم وتكنولوجيا التصميم، ثم درس صناعة السينما في مونتريال. قام بإخراج سيت كوم بعنوان "هاذوكم"، كما أخرج بعض الأفلام القصيرة، وأخرج فيلما روائياً/وثائقياً تاريخياً بعنوان "قديماً كركوان".

وفيلم دشرة هو أول فيلم روائي طويل للمخرج الشاب، وقد حقق أرباحاً كبيرة في دور العرض بتونس.

تدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الطلبة في كلية الصحافة، شابان وفتاة، يشتركون سوياً في مشروع للتخرج، وكان أستاذهم قد طلب أن تكون المشاريع غير تقليدية، وشدد عليهم ألا يتحدثوا عن الثورة، ليس لإن لديه أي شيء ضدها، لكنه يريد شيئاً استثنائيا، والثورة أصبحت موضوعاً مكرراً.

يطرح وليد على ياسمين وبلال فكرة تصوير عمل تسجيلي حول امرأة وجدت مذبوحة في إحدى القرى النائية منذ عشرين سنة، إلا أنها كانت على قيد الحياة وهاجمت الممرضة، ثم أودعت مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، ويعتقد الجميع أنها ساحرة.

في رحلتهم للوصول إلى حقيقة قصة هذه المرأة، نجد أن وليد، صاحب الفكرة، متحمس لها، بينما يشعر بلال، خاصة بعد مواجهة بعض العقبات المخيفة، بإنه لا يرغب في استكمال تلك الرحلة، أما ياسمين، والتي تعيش مع جدها وتعاني من أحلام غامضة ومخيفة، تجد نفسها مشدودة بشكل غير مفهوم لاستكمال الرحلة برغم المخاوف والمصاعب، وبالفعل يسافر الثلاثة رفقاء إلى "الدشرة"، موقع الحادث، لاكتشاف الحقيقة، وهناك يقابلون أهل القرية الذين يتصرفون بغرابة، وتتوالى الأحداث.

يُحسَب للمخرج عبد الحميد بوشناق، جرأته في إصراره على الاعتماد على نفسه في كتابة السيناريو والإخراج، كما أنه يعلم أدواته جيداً، لكنه ربما يحتاج إلى مزيد من التدريب والخبرة كي يتمكن من هذه الأدوات وإتقان النسب، فبوشناق يعلم أن الغموض والترقب وبعض المشاهد الدامية عناصر مهمة في أفلام الرعب، إلا أن الغموض اكتنف الفيلم إلى درجة الإبهام، كمان أنه لم يحل عقداً هامة في الخط الدرامي، واعتمد بوشناق على إطالة مشاهد الترقب ليزيد من توتر المشاهد، لكنها كانت بالغة الطول إلى درجة قد تصيب المشاهد بالملل، كما أن المشاهِد الدامية كانت مكثفة بشكل كبير، ولم يتم موازنتها بما يكفي، بمشاهد أكثر إنسانية لإراحة متابع الفيلم.

ويبدو أن الفيلم متأثر بشدة بأفلام الرعب الأمريكية التجارية، فهو يستخدم موتيفات متداولة في السينما الأمريكية كالأشباح وأكلة لحوم البشر والسحر والطفلة الغامضة التي لا تكبر منذ ما يقرب من مئة عام، وربما هذا هو السر الذي جعل الفيلم يحقق أرباحاً في دور العرض، إلى جانب عرضه في مهرجان القاهرة الدولي السينمائي في عام 2018، وفي أسبوع النقاد بمهرجان البندقية السينمائي.

بدأ المخرج إدخال المشاهد في حالة التوتر مبكراً جداً قبل الدخول في الأحداث، حتى أن الشخصيات التي رسمها في السيناريو جميعها يعاني من توتر داخلي انعكس على علاقته بالآخرين، إلا أنه اهتم برسم شخصية ياسمين وأسباب توترها، وربما لم يعطينا أسباباً واضحة لتوتر الشخصيتين الأخرتين وليد وبلال، وإن كنا نكتشف في نهاية الفيلم أن وليد هو جزء من هذه القرية السحرية، مما يفسر كثيراً من توتره الذي بدا غير مفهوم طوال الفيلم.

اهتم السيناريو برسم شخصية ياسمين، حيث قضينا وقتاً كبيراً نتابع أحلامها، وخيالاتها، وغموض تصرفات أهل القرية، ثم نكتشف قصة القرية كاملة قرب نهاية الفيلم عبر عثور ياسمين على مذكرات للسيدة المودعة الآن في المصحة العقلية، إلا أن الشخصيات الثلاثة، في أثناء وجودهم في القرية، لم تمر بتطورات كبيرة وخبرات متتالية تؤدي إلى الاستنارة، ربما لاهتمام المخرج بتكثيف الترقب والغموض.

الفيلم بشكل عام يعكس محاولة أولى جيدة لمخرج شاب يتناول موضوعاً جديداً على السينما التونسية، ويعِد بتجارب مقبلة قد تحمل ما هو جديد ومختلف.

    إضافة تعليق جديد

    نص عادي

    • لا يسمح بوسوم HTML.
    • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
    • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.