البالونة الحمراء

المؤلف
أندريه بازان

ترجمة: محمد فتحي كلفت

البالونة الحمراء Le ballon rouge | ألبير لاموريس Albert Lamorisse | ٣٤ دقيقة و٣١ ثانية | فرنسا | ١٩٥٦ | الفرنسية

كانت الأصالة الإبداعية عند ألبير لاموريس بيّنة بالفعل في فيلمه «بِمْ، الحمار الصغير» Bim, le petit âne. وفيلم «بِمْ»، ومعه ربما «الجواد ذو العُرْف الأبيض» Crin Blanc، هما فيلما الأطفال الحقيقيان الوحيدان حتى الآن. وبالطبع فإن هناك أفلاما أخرى - وإن ليست بالكثرة التي قد يتوقعها المرء - مصنوعة لتلائم طائفة من الفئات العمرية صغيرة السن. وقد بذل الاتحاد السوڤييتي جهودا خاصا في هذا المجال ولكن يراودني الشعور بأن أفلاما مثل «الشراع الأبيض الوحيد» The Lonely White Sail موجهة أصلا لليافعين الصغار. وقد فشلت محاولات ج. آرثر رانك J. Arthur Rank في الإنتاج المتخصص بهذا المجال، فشلا جماليا وتجاريا على السواء. وفي الواقع، فإن كل من يرغب في تكوين مكتبة أفلام أو إعداد سلسلة برامج للأطفال الصغار سيعاني الأمرّين كي يجد أكثر من بضعة أفلام قصيرة، متفاوتة الجودة، وعدد محدود من الأفلام التجارية، بينها بعض أفلام الكارتون، طفولية الإلهام والموضوع بما يكفي؛ على الأخص، أعمال بعينها من أفلام المغامرات. لكن الأمر، على كل حال، ليس مسألة إنتاج متخصص؛ مجرد إنتاج أفلام مفهومة لمن يقل عمرهم العقلي عن ١٤ سنة. وكما نعرف، فالأفلام الأمريكية [عموما] لا تتجاوز في أغلب الأحيان هذا المستوى. ويصدق الأمر نفسه على أفلام تحريك والت ديزني.

من الجلي أن الأفلام من هذه الشاكلة لا تشبه من قريب أو بعيد أدب الأطفال بالمعنى المضبوط، وهو ما لا يوجد منه الكثير علي أي حال. وقبل ظهور تلاميذ فرويد في المشهد، كان ج.ج. روسو قد لاحظ بالفعل أن هذا الأدب لا يخلو من الإساءات.  فلافونتين أخلاقي سينيكي، والكونتيسة دي سيغور جدة شيطانية، سادومازوخية. ومن المعترف به الآن أن «حكايات پيرو» Tales of Perrault تحوي رموزا خفية يعف عنها اللسان ولزام على المرء أن يقر بأن من الصعب معارضة حجج المحللين النفسيين. وفي كل الأحوال، فليس من الضروري قطعا استعمال التحليل النفسي في اكتشاف جوانب العمق اللذيذة والمرعبة التي ينبع منها جمال «آليس في بلاد العجائب» وحكايات هانز كريستيان أندرسن الخرافية. كان لهؤلاء المؤلفين قدرة على الحلم ترقى في نوعيتها وكثافتها إلى قدرة الطفل. ليس ثمة شيئا صبيانيا في هذا العالم الخيالي. كان علم التربية هو الذي اخترع من أجل الأطفال ألوانا غير ضارة، ولكن إذا رأيت كيف يستخدمونها ستتسمر عيناك على جنان خضراء تسكنها الوحوش.

مؤلفو أدب الأطفال الحقيقي قلما إذن ما يكونون تربويين إلا بصورة غير مباشرة… ولعل جول ڤيرن هو الوحيد. إنهم شعراء يتمتع خيالهم بميزة كونه مضبوطا على موجة أحلام الطفولة.

ولهذا فمن السهل دائما الدفع بأن أعمالهم على نحو ما ضارة ولا تناسب إلا الكبار. وإذا كنا نعني بهذا أنها غير بناءة، فهذا صحيح، لكن هذه وجهة نظر تربوية وليست جمالية. ومن ناحية أخرى، فإن حقيقة استمتاع الراشدين بها بل وربما أكثر من الصغار دليل على أصالتها وقيمتها. فقد بلغ الفنان الذي يعمل للأطفال بعفوية منزلة فنان للجميع.

وفيلم «البالونة الحمراء» يميل قليلا بالفعل إلى الجانب الفكري وهو إلى هذا الحد أقل طفولية. يظهر الرمز واضح المعالم أكثر في الأسطورة، كالعلامة المائية. وبالرغم من ذلك فإن مقارنته بفيلم «حورية تختلف عن الأخريات» («سر الأرض المسحورة») Une fée... pas comme les autres من شأنها إظهار الفارق، البارز، بين الشعر الصالح للكبار والأطفال بالمثل والأشياء الطفولية التي لا تناسب سوى الأطفال.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.